إشارات حمراء

3 دقائق

إشارات حمراء

3 الدقائق

Remove from my favorites

 

يمد يده إلى الخلف ليتناول الأجرة من الركاب. يلقي بها الى جانبه بلا مبالاة، بل بقرف أثار حفيظتي.

– الوضع صعب لكنه مؤقت!.

أتمم في محاولة لدفعه الى الحديث.

– السيارات أكثر من الركاب. نحن نبيع <الكاز> فقط!

يصمت ويتأملني من خلال المرآه الأمامية ثم يكمل حديثة بسخريه:

 – السائق كالشحاذ تماما، الفرق بينه وبين الشحاذ أن الاخير يمد يده الى الامام بينما السائق يمدها الى الخلف!

يتوقف عند الاشارة الحمراء قرب سوق فراس الشعبي. ينفخ بغيظ ويبدأ بالدق على مقود السيارة بعصبية. يتقدم الوجه الجميل. لم يتجاوز صاحبه التاسعة من عمره بعد. يتمتم من خلف زجاج النافذة بكلمات نسمعها. يضغط السائق أحد الازار بجانبه لينزل الزجاج. يملأ صوت الطفل فضاء السيارة كما يدخل يده إليها بقطعتين من الشوكولاتة >بشيكل فقط

– ليس هذا أوانك!.

يحدث نفسه ثم يخرج الشريط ويفتح الراديو. صوت المذيع المتهدج ينقل أجواء الحرب المستعرة الى السيارة. حصار، اغتيال، اصابه، اعتقال.

يزيد سرعة السيارة في محاولة للحاق بالإشارة الخضراء للمرور. وقبل أن يصلها يظهر له الضوء الأصفر ثم الأحمر فيضطر للتوقف. يغلق الراديو بعصبية ويعود للدق على مقود السيارة بيده. وجه جميل آخر يقترب. الطفل يتجاوز الثانية عشرة من عمره. يزفر السائق بحنق ثم يفتح زجاج النافذة.

ومرة أخرى يملأ صوت الطفل فضاء السيارة: >>بنصف ثمنها في المحل!>> ويمد يده بالعلكة الى داخل السيارة. ينظر السائق الى وجوة الركاب من خلال المرآة. لم يحرك أحد منا ساكنا. يتناول قطعه نقدية. يناولها للطفل ويتناول منه العلكة ثم يلقيها أمامه قرب قطعة الشوكولاتة. بانت الإشارة الخضراء. تذكرت أنني لم امنحه أجرته بعد لكني لم أشأ أن أناولها له مباشرة إذ لم أرغب في رؤيته مادا يده الى الخلف! ناولتها للراكب الذي يجلس بجانبه وناولها بدوره له. تأملني عبر المرآه وابتسم. صرنا بمحاذاة منتزه الجندي المجهول. وجوه مطمئنة تفترش العشب الأخضر واخرى تجلس على المقاعد وتنفخ دخان النرجيلات في سماء المكان. شبان في مقتبل العمر يلاحقون فتيات عابثات يدرن في المكان والكل يفتش عن مهرب.

تنحرف السيارة يسارا نحو مفرق <<رشاد الشوا>>. الإشارة حمراء كالعادة. يتوقف ويتناول علبة سجائره. يفتحها للخلف داعيا إيانا للتدخين، نشكره، فيخرج واحدة ويشعلها.

يقترب الشاب الصغير يحمل خرقة بالية. لعله يتجاوز الخامسة عشرة من عمرة. يمسح غطاء السيارة الأمامي بسرعة ثم يقترب ليمسح المرآه الجانبية من جهة السائق. يسحب نفسا عميقا. يتأمل وجه الشاب قليلا ثم يأمره بالتوقف عن مسح السيارة. يبتعد الشاب الصغير خطوة الى الخلف. عيناه تتفجر يأسا وتوسلا. يشير السائق له بالاقتراب. يمنحه قطعه نقدية. يختطفها فرحا لهذا الكسب المفاجئ والذي طال انتظاره. يبتعد قليلا متجها نحو سيارة أخرى. يدعوه السائق ثانية فيقترب مترددا. يناوله قطعتي الشوكولاتة والعلكة.

– بعها وخذ ثمنها لك!

تظهر الإشارة الخضراء. تتحرك السيارة. تنحرف يسارا وتنطلق بسرعه نحو جامعة الأزهر التي كانت الإشارة عند مفرقها تبدو حمراء أيضا.

 

هل ترغبون في شيء آخر?
21
جبران خليل جبران
وردة الهاني

© פרויקט הסיפור הקצר 2024

Made with ☕ and 🚬 by Oddity

البحث:

تريد حفظ لوقت لاحق؟

اشترك واحصل على حق الوصول الكامل إلى الخيارات الموجودة على الموقع

Short Stories
Straight to Your Inbox

Oops, this is a personal area feature.
The personal area is only available to subscribed users. Sign up now for free to enjoy all the personal area features.